الشوكولاتة من الأغذية التي لها سحر خاص لا يقاوم، لذلك سنجد أغلب البشر يعشقونها، وحتى من لا يأكلها فربما هو خائف من إدمانها. ومثلما تملك الشوكولاتة ملمس ومذاق ورائحة فريدة، فإنها أيضاً تملك مكونات فريدة داخلها تمد الإنسان بالكثير من الفوائد الصحية.
ومنذ عشرات السنين تجرى الدراسات العلمية على الشوكولاتة لمحاولة كشف خباياها على الصحة. وتعد ساحل العاج هي أكثر الدول انتاجاً للكاكاو في العالم بمعدل نحو 34% من الانتاج العالمي وتليها غانا بمعدل يبلغ حوالي 20% ثم إندونيسيا والكاميرون ونيجيريا والبرازيل والإكوادور وماليزيا بنسب متفاوتة.
وهنا سوف نغوص في بحر الشوكولاتة لنعرف أكثر عن تأثيراتها الغذائية والصحية على الإنسان. وفوائد الشوكولاته وانواع الشوكولاته وايضاً أضرار الشوكولاته.
مكونات الشوكولاتة:
تحتوي الشوكولاتة على مركبات غذائية متنوعة فهي مثلاً غنية بالفلافونويدات (أحد مضادات الأكسدة الطبيعية)، والمعادن الهامة، والفيتامينات، وأيضاً مواد منبهة مثل الثيوبرومين والكافيين. وهنا سوف نوضح تفصيلاً مكونات الشوكلاتة والكاكاو من المواد الغذائية:
- الدهون:
تحتوي بذور الكاكاو على نسبة من الدهون قد تصل إلى 50%، بينما تتراوح نسبتها في مسحوق الكاكاو من 20 إلى 22%. ويوجد بالكاكاو خليط من الدهون المشبعة وغير المشبعة، حيث تحتوي على حمضين مشبعين رئيسيين وهما البالمتيك والستيريك، بينما يوجد حمض واحد غير مشبع رئيسي وهو الأوليك. ولا يحتوي الكاكاو على الكولسترول، حيث يأتي الكولسترول من اللبن الذي يضاف إلى الشوكولاتة عند تصنيعها، بل إن أغلب الدهون بالشوكولاتة تأتي أساساً من الحليب وليس من الشوكولاتة نفسها. فمثلاً ثلث مكونات شوكولاتة كادبوري ميلك دهون مشبعة وكولسترول.
- السكر:
يحتوي الكاكاو على الكربوهيدرات ولكن أغلب هذه الكربوهيدرات هي نشويات، فهو يحتوي على النشا والألياف الذائبة وغير الذائبة. ويحتوي على نسبة ضئيلة للغاية من السكر البسيط، حيث يضاف السكر أثناء التصنيع، فمثلاً تحتوي شوكولاتة كادبوري ميلك أيضاً على حوالي 42% من محتواها من السكر.
- مضادات الأكسدة:
يحتوي الكاكاو على الفلافونويدات كمضادات للأكسدة وهي مركبات تعمل على خفض معدلات الإصابة بالأمراض.
- المنبهات:
يحتوي الكاكاو على بعض المنبهات بنسب ضئيلة مثل الثيوبرومين والكافيين. كما أنه يحتوي على السيروتونين وهو مركب يعمل على خفض الاكتئاب عند الناس.
- الفيتامينات:
يحتوي الكاكاو على العديد من الفيتامينات الهامة مثل فيتامين أ، ب1، ب2، ب3، جـ، هـ، وحمض البانتوثونيك.
- المعادن:
الكاكاو غني بمحتواه من المعادن الضرورية للجسم مثل الماغنيسيوم، الكالسيوم، الحديد، الزنك، النحاس، البوتاسيوم، والمانجنيز.
انواع الشوكولاتة:
يجب أن نعرف أن الشوكولاتة لا تحتوي بكاملها على الكاكاو، ولكن تدخل مكونات أخرى قد تكون سلبية على صحة الإنسان، حيث تتراوح نسب الكاكاو في كل نوع عن الآخر من أنواع الكاكاو. وهنا سوف نستعرض أنواع الشوكولاتة:
- شراب الكاكاو (هوت شوكلت):
يحتوي شراب الكاكاو (مسحوق الكاكاو) على نسبة عالية من الكاكاو الخام، وقد يكون مضاف إليه السكر أو اللبن أو قد لا يكون وهذا حسب نوع المنتج.
- الشوكولاتة الخام:
وهي شوكولاتة غير محلاة تستخدم في الخبز، وهي تحتوي على بذور وزبدة الكاكاو بنسبة كاملة، وهي غير مستساغ تناولها، حيث أن لها طعم مر، وتوجد في بعض الأنواع مخلوطة بالسكر.
- الشوكولاتة السوداء (البنية، الغامقة، الداكنة):
تحتوي الشوكولاتة السوداء على زبدة الكاكاو والسكر والفانيليا، وأحد أنواع المستحلبات التي تساعد في مزج الدهن بباقي المكونات. وهي خالية تماماً من اللبن كما تنص قوانين الاتحاد الأوروبي وأمريكا، كما أنها تحتوي على نسبة تتراوح من 20 إلى 80% من الكاكاو، حيث يتوقف هذا على درجة تحلية الشوكولاتة، فالأكثر حلاوة تحتوي على نسبة أقل من الكاكاو، والأقل حلاوة تحتوي على النسبة الأكبر من الكاكاو.
- شوكولاتة الحليب:
أغلب أنواع شوكولاتة الحليب تحتوي على الأقل على 10% من الكاكاو ونحو 12% من جوامد اللبن. وهي أكثر حلاوة من الشوكولاتة السوداء ولونها أقل غمقاً من السوداء. وهي لذلك يطلق عليها الطبيب التركي العالمي الدكتور “محمد أوز” بأنها عبارة عن حليب يحتوي على الشوكولاتة.
- الشوكولاتة البيضاء:
تحتوي الشوكولاتة البيضاء على زبدة الكاكاو بنسبة لا تقل عن 20%، كما تصرح منظمة الغذاء والدواء الأمريكية، ومستحلبات والفانيليا والحليب والسكر، وهي بسبب عدم احتوائها على مسحوق الكاكاو، فلا يطلق عليها البعض اسم الشوكولاتة، حيث أن طعمها يغلب عليه الحليب والفانيليا والسكر.
فوائد الشوكولاتة:
- للقلب:
في دراسة نشرت في أغسطس 2012 أجراها علماء من معهد كارولينسكا للأبحاث في السويد، أكدت أن تناول الشوكولاتة باعتدال أسبوعياً قد ساهم في خفض مخاطر الإصابة بأمراض القلب لدى الرجال بنسبة حوالي 17% لمن تناولوا حوالي 63 جراماً أسبوعياً. وثمة دراسة أخرى أجريت مؤخراً في أستراليا في مايو 2012 قد أكدت أن تناول الشوكولاتة السوداء التي تحتوي على الأقل على 60% من الكاكاو يحمي من زيادة خطر أمراض القلب والشرايين.
ويرجع العلماء هذا الأمر إلى احتواء الشوكولاتة على الفلافونويدات (وهي مضادات أكسدة طبيعية تحمي الجسم من الالتهابات). وهي تساهم بدورها في خفض ضغط الدم والكولسترول في الدم. ففي دراسة أجريت في أسكتلندة في الربع الأول من عام 2013 أظهرت أن تناول الشوكولاتة السوداء يعمل على زيادة تدفق الدم إلى المخ حيث يساهم هذا في خفض مخاطر الإصابة بالجلطات. وأوضح الدكتور “ماثيو والترز” الأستاذ بجامعة جلاسجو التي أجرت البحث ارتباط الشوكولاتة بخفض مخاطر تصلب الشرايين.
للبشرة:
تحتوي الشوكولاتة على مضادات الأكسدة (الفلافونويدات)، وهي تعمل على حماية خلايا الجسم من الالتهابات. فقد نشرت مجلة التغذية دراسة تؤكد أن الأشخاص الذين تناولوا مشروب الهوت شوكلت يومياً لمدة 12 أسبوع قد انخفضت مخاطر آثار أشعة الشمس لديهم إلى الربع. وتعمل مضادات الأكسدة في الشوكولاتة على حماية الجلد من تلف الكولاجين، حيث يحمي البشرة من تأخر ظهور التجاعيد وفقاً لأخصائية التغذية الأمريكية المعتمدة “كريستين كيركباتريك”.
للجنس:
وفقاً لدراسة إيطالية نشرت مؤخراً في مجلة الصحة الجنسية، فإن الشوكولاتة يمكن أن توفر تعزيزاً للرغبة والمتعة الجنسية بين الزوجين، حيث وجد الدكتور “أندريا سالونيا” وفريق بحثه أن النساء اللاتي تناولن الشوكولاتة كن أكثر رغبة في مباشرة العلاقة الزوجية من اللاتي لم يتناولن الشوكولاتة. وثمة دراسة أخرى أجريت في جامعة ستراثكلايد البريطانية أكدت أن الشوكولاتة مفيدة جداً لزيادة الرغبة الجنسية عند الرجال والنساء، حيث أشار العالم الغاني “روبرت أفواكوا” الذي أجرى البحث إلى أن الشوكولاتة تحتوي على الفينيل إيثيل أمين، وهو ناقل عصبي له أثر منشط، وأيضاً السيروتونين، وهما مركبان يساعدان في تحسين الحالة المزاجية وزيادة الرغبة الجنسية.
للتخسيس:
في دراسة أجراها علماء من جامعة كاليفورنيا الأمريكية عام 2012، أكدت نتائجها وجود رابط بين تناول الشوكولاتة بانتظام وبشكل معتدل وبين خفض وزن الجسم. حيث تشير الدكتورة “بياتريس جولومب” الأستاذة المشاركة بالجامعة إلى أن النتائج أكدت أن الطاقة المنبعثة من الشوكولاتة ربما تجعلك تأكل كميات أقل عن أن تخزن كدهن. وترجع جولومب النتائج إلى البوليفينولات الموجودة بالشوكولاتة، إلا أنها تشير إلى أن هذه النتائج ليس مدعاة لتناول كميات كبيرة من الشوكولاتة. ولذلك فهي مفيدة لإنقاص وزن الجسم والدخول في أنظمة الرجيم.
للأطفال:
يسود الاعتقاد دائماً أن الشوكولاتة ليست مفيدة للأطفال وعليهم تجنبها تماماً، لكن ربما يعيد البعض التفكير في هذا الأمر بعدما ألقت دراسة أسترالية حديثة الضوء على فوائد الشوكولاتة للأطفال. حيث ذكر الباحثون من معهد أبحاث موردوتش للأطفال، أن الأطفال الذين تناولوا الشوكولاتة السوداء قد انخفض لديهم ضغط الدم، وهي كما يشير الباحثون علامة جيدة على انخفاض مخاطر إصابتهم بأمراض القلب القاتل الأكبر في البلاد. وفي دراسة أخرى نشرت في مجلة التغذية الصحية أكدت ارتباط تناول الحليب بالشوكولاتة بخفض مخاطر السمنة عند الأطفال.
ويبدو أن حرمان الأطفال من تناول الشوكولاتة قد يكون ضاراً أكثر من أن يكون نافعاً. ففي دراسة أجريت في جامعة سيرّي في إنجلترا أكدت الدكتورة “جين أوجدين” أستاذة الصحة النفسية أن حرمان الأطفال من تناول الشوكولاتة يجعلهم أقل حرصاً على اختيار الأغذية الصحية مستقبلاً بشكل يؤدي إلى السمنة، من خلال عدم وضعهم قيود لأنفسهم في تناول الحلوى أو الشوكولاتة.
للشعر:
تشير “ستيفاني بيرد” الكاتبة ومتخصصة الطب بالأعشاب، إلى احتواء الشوكولاتة على مواد مفيدة ومغذية للشعر، حيث تحتوي على البروتينات والريبوفلافين وفيتامين أ والثيامين والعديد من المعادن الهامة للشعر، مثل البوتاسيوم والكالسيوم والحديد والفوسفور والنحاس والماغنيسيوم. ووفقاً لموقع hairloss.com، فإنه يمكن استخدام الشوكولاتة مباشرة على الشعر لمنع تساقطه من خلال إذابة الشوكولاتة الخام في حمام ماء ساخن ثم وضع كمية متساوية من الشوكولاتة الذائبة مع الزيوت الأخرى. حيث يصف الموقع أن هذه الخلطة تعمل على تفتيح مسام فروة الرأس وإمداد الشعر بمضادات الأكسدة التي تحميه من التلف.
الحامل:
يمكن أن تكون الشوكولاتة السوداء مفيدة للحامل إذا تم تناولها بكميات صغيرة بانتظام، حيث أظهرت دراسة أمريكية في جامعة يل عام 2010 أن الشوكولاتة يمكن أن تقلل من مخاطر الولادة المبكرة. وثمة دراسة أمريكية أخرى نشرت عام 2008 أكدت أن تناول الشوكولاتة السوداء يعمل على خفض مخاطر ما يسمى بتسمم الحمل حيث يرتفع الضغط وذلك نتيجة احتوائها على مركب الثيوبرومين.
ولا يتوقف الأمر عند الأم فقط، ولكنه يمتد أيضاً ليشمل المولود، ففي عام 2004 أكد علماء من جامعة هلسنكي الفنلندية أن الشوكولاتة تعمل على جعل الطفل سعيداً بعد ولادته. ولكن لابد أن تكون الحامل أكثر حرصاً عند تناولها للشوكولاتة، وأن تستشير الطبيب أولاً. وتنصح خبيرة التغذية “ميلندا جونسون” في موقع babycenter.com بالحد من تناول الشوكولاتة بسبب أنها تزاحم الأغذية الصحية، حيث تساهم في زيادة السعرات الحرارية كثيراً مما يعرض الحامل لزيادة الوزن، بجانب احتوائها على الكافيين حيث ينصح بالحد من تناوله أثناء الحمل.
اضرار الشوكولاتة للجسم:
بالرغم من فوائد الشوكولاتة الضخمة، إلا أنها قد يكون لها آثار جانبية إذا تم تناولها بكثرة، خاصة تلك الغنية بالدهون، فهي تعمل على زيادة الوزن لاحتوائها على سعرات حرارية كبيرة. فعلى سبيل المثال تحتوي شوكولاتة كادبوري ميلك 40 جرام على نحو 220 سعراً حرارياً، ونحو 8 جرامات من الدهون المشبعة، وحوالي 10 مجم كولسترول. وقد أظهرت العديد من الأبحاث ارتباط الكولسترول والدهون المشبعة بزيادة الوزن وأمراض القلب والأوعية الدموية. وقد أظهرت دراسة أجريت مؤخراً في الدنمارك أن زيادة تناول الدهون المشبعة يرتبط بنقص عدد الحيوانات المنوية لدى الرجال.
ومن بين أضرارها على الأطفال، أنها تساعد على العنف لديهم، وفق ما أكدته دراسة بريطانية عام 2009. ويمكن أن يسبب تناول الشوكولاتة الصداع حسبما أفاد تقرير طبي لجامعة ميريلاند الأميريكة، وذلك بسبب وجود مركب الثيامين لاسيما في الشوكولاتة السوداء، كما أنها تعمل على رفع نسبة السكر في الدم وهو ما يعمل بدوره على الإصابة بالصداع.
وبسبب احتوائها على المنبهات، فإنها تسبب أرقاً للإنسان، خاصة لمن لديهم حساسية شديدة من الكافيين. وأيضاً يساهم الكافيين في زيادة الحامض المعدي، لذلك ينصح بالابتعاد عن الشوكولاتة بالنسبة لمن هم مصابون بمرض الارتجاع المريئي. وقد ربطت بعض الأبحاث تناول الشوكولاتة بالإصابة بحصوات الكلى، بسبب احتوائها على الأوكسالات. وهي أيضاً غير مناسبة لمرضى السكري كما يقول الدكتور “فليب منتون” الذي ألف كتاباً عن الشوكولاتة وأثارها الصحية.
الخلاصة: أن لا تحرم نفسك تماماً من تناول الشوكولاتة، ولا تسرف في تناولها، لأن كل منا لديه سعة استيعابية للغذاء، فإذا أسرفت اليوم في تناولها فغداً لن تستطيع تناولها إلا إذا أردت أن تقتل نفسك. بينما يمكنك الاستمتاع بها طول عمرك حينما تتناولها بكميات معتدلة جداً.
المصدر: موسوعة المعلومات